تأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة فوجدتها عليها السلام تبكي هناك فأمهلتها حتى سكنت، فأتيتها وسلمت عليها وقلت: يا سيدة النسوان قد والله قطعت نياط (1) قلبي من بكائك، فقالت: يا با عمرو لحق لي البكاء، فلقد أصبت بخير الآباء رسول الله صلى الله عليه وآله وا شوقاه إلى رسول الله، ثم أنشأت عليها السلام تقول:
إذا مات يوما ميت قل ذكره * وذكر أبي مذ مات والله أكثر قلت يا سيدتي إني سائلك عن مسألة تتلجلج في صدري، قالت: سل، قلت:
هل نص رسول الله قبل وفاته على علي بالإمامة؟ قالت واعجبا أنسيتم يوم غدير خم؟ قلت قد كان ذلك ولكن أخبريني بما أشير إليك، قالت: اشهد الله تعالى لقد سمعته يقول:
علي خير من اخلفه فيكم، وهو الامام والخليفة بعدي، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة؟ قلت: يا سيدتي فما باله قعد عن حقه؟ قالت: يا با عمر لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل الامام مثل الكعبة إذ تؤتى ولا تأتي - أو قالت: مثل علي - ثم قالت: أما والله لو تركوا الحق على أهله واتبعوا عترة نبيه (2) لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف بعد خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين، ولكن قدموا من أخره الله وأخروا من قدمه الله: حتى إذا ألحدوا المبعوث و أودعوه الجدث المجدوث (3) اختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم، تبا لهم (4) أو لم يسمعوا الله يقول: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة (5) "؟ بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه: " فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (6) "