مقامهم، وإلا بطلت الحجة لهم، وسقط تكليف اتباعهم، وإذا ثبت أنه لابد من الدليل عليهم ولم يدع أحد من الفرق دلالة على غير من ذكرناه ثبت أنها فيهم خاصة، لفساد خلو الأمة كلها من تأويلها، وعدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها.
على أن الدليل قائم على أنها فيمن ذكرناه، لان الامر ورد باتباعهم على الاطلاق، وذلك يوجب عصمتهم وبراءة ساحتهم والأمان من زللهم، بدلالة إطلاق الامر باتباعهم، والعصمة توجب النص على صاحبها بلا ارتياب، وإذا اتفق مخالفونا على نفي العصمة والنص على من ادعوا (1) له تأويل هذه الآية فقد ثبت أنها في الأئمة عليهم السلام لوجود النقل للنص (2) عليهم، وإلا خرج الحق عن أمة محمد صلى الله عليه وآله وذلك فاسد.
مع أن القرآن دليل (3) على ما ذكرناه، وهو أن الله سبحانه قال: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل و السائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون (4)) فجمع الله تبارك وتعالى هذه الخصال كلها ثم شهد لمن كملت فيه بالصدق والتقى على الاطلاق، فكان مفهوم معنى الآيتين الأولى وهذه الثانية أن اتبعوا الصادقين الذين باجتماع هذه الخصال التي عددنا ها فيهم استحقوا بالاطلاق اسم (الصادقين)، ولم نجد أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله اجتمعت فيه هذه الخصال إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجب أنه الذي عناه الله سبحانه بالآية وأمر فيها باتباعه، والكون معه فيما يقتضيه الدين، وذلك أنه ذكر الايمان به - جل اسمه - واليوم الآخر والملائكة والكتاب و النبيين، وكان أمير المؤمنين عليه السلام أول الناس إيمانا به وبما وصف (5) بالاخبار المتواترة