تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٦٥
من التفاسير، ويؤيد الاطلاق ما سيأتي.
وثانيتهما: ان عليا عليه السلام كما كان ينادى ببراءة، كذلك كان ينادى بحكم آخر وهو ان من كان له مدة فهو إلى مدته ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر: وهذا أيضا مما يدل عليه آيات براءة.
وبحكم آخر وهو انه لا يطوفن بالبيت عريان، وهو أيضا حكم إلهي مدلول عليه بقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف: 31 وقد ورد في بعض الروايات ذكر الآية مع الحكم كما سيجئ.
وحكم آخر انه لا يطوف أو لا يحج البيت مشرك بعد هذا العام وهو مدلول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) التوبة: 28.
وهناك أمر خامس ذكر في بعض روايات الباب انه عليه السلام كان ينادى به وهو انه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وهذا وان لم يذكر في سائر الروايات، والاعتبار لا يساعد على ذلك لنزول آيات كثيرة مكية ومدنية في ذلك وخفاء الامر في ذلك على المشركين إلى سنة تسع من الهجرة كالمحال عادة لكن ذلك أيضا مدلول للآيات الكريمة (1)، وعلى أي حال لم تكن رسالة علي عليه السلام مقصورا على تأدية آيات براءة بل لها ولتبليغ ثلاثة أو أربعة أحكام قرآنية أخرى، والجميع مشمول لما أنزل به جبرئيل عن الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وآله سلم: انه لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك، إذ لا دليل على تقييد الكلام على إطلاقه أصلا.
وفى الدر المنثور أخرج الترمذي وحسنه وابن أبى حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه وأمره ان ينادى بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا رضي الله عنه وأمره ان ينادى بها فانطلقا فحجا فقام على رضي الله عنه في أيام التشريق فنادى: ان الله برئ من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك،

(1) واما على ما في بعضها بدلا من ذلك: (لا يدخل الكعبة - أو البيت - الا مومن) فالحكم المستفاد منه نظير الحكم بأمه لا يطوفن بالبيت مشرك حكم ابتدائي.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست