فوجب أن يكون الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية، وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، وإلى أن يكون كل واحد من المؤمنين ولي نفسه وذلك محال. وفيه ضعف والأول أولى.
الثاني: أن المراد بالولي هنا الأولى بالتصرف والذي يلي تدبير الامر كما يقال: فلان ولي المرأة وولي الطفل وولي الدم، والسلطان ولي أمر الرعية، ويقال لمن يقيمه بعده: هو (1) ولي عهد المسلمين، وقال الكميت (2): يمدح عليا.
ونعم ولي الأمر بعد وليه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب وقال المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله: أصل الولي الذي هو أولى أي أحق، والولي وإن كان يستعمل في مكان آخر كالمحب والناصر لكن لا يمكن إرادة غير الأولى بالتصرف والتدبير ههنا، لان لفظة (إنما) يفيد التخصيص ولا يرتاب فيه من تتبع اللغة وكلام الفصحاء وموارد الاستعمالات وتصريحات القوم، والتخصيص ينافي حمله على المعاني الاخر، إذ سائر المعاني المحتملة في بادئ الرأي لا يختص شئ منها ببعض المؤمنين دون بعض كما قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). وبعض الأصحاب (3) استدل على ذلك بأن الظاهر من الخطاب أن يكون عاما لجميع المكلفين من المؤمنين وغيرهم كما في قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام) وغير ذلك، فإذا دخل الجميع تحته استحال أن يكون المراد باللفظة (4) الموالاة في الدين، لأن هذه الموالاة يختص بها المؤمنون دون غيرهم، فلابد إذا من حملها على ما يصح دخول الجميع فيه وهو معنى الإمامة ووجوب الطاعة، وفيه كلام.