فلما ولد انتهيت إليه (1) فإذا هو كالشمس الطالعة وقد سجد على الأرض وهو يقول : (أشهد أن لا إله إلا الله (2) وأن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا وصي محمد رسول الله، وبمحمد يختم الله النبوة وبي يتم الوصية، وأنا أمير المؤمنين).
فأخذته واحدة منهن من الأرض ووضعته في حجرها، فلما نظر علي في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب: السلام عليك يا أماه، فقالت: وعليك يا بني (3) فقال: ما خبر والدي؟ قالت: في نعم الله ينقلب، وصحبته يتنعم، فلما سمعت ذلك لما تمالكت (4) أن قلت:
يا بني ألست بأبيك؟ قال: بلى ولكني وإياك من صلب آدم، وهذه أمي حواء، فلما سمعت ذلك غطيت رأسي بردائي وألقيت نفسي في زاوية البيت حياء منها، ثم دنت أخرى ومعها جؤنة فأخذت عليا فلما نظر إلى وجهها قال: السلام عليك يا أختي، قالت:
وعليك السلام يا أخي، قال: فما خبر عمي؟ قالت: خير وهو يقرء (5) عليك السلام، فقلت: يا بني أي أخت هذه وأي عم هذا؟ قال: هذه مريم ابنة (6) عمران وعمي عيسى ابن مريم، وطيبته بطيب كان في الجؤنة، فأخذته أخرى منهن فأدرجته في ثوب كان معها، قال أبو طالب فقلت: لو طهرناه لكان أخف عليه، وذلك أن العرب كانت تطهر أولادها (7)، فقالت: يا أبا طالب إنه ولد طاهرا مطهرا، لا يذيقه حر الحديد في الدنيا إلا على يد رجل (8) يبغضه الله ورسوله وملائكته والسماوات والأرض والبحار (9)، وتشتاق إليه النار، فقلت: من هذا الرجل؟ فقلن: ابن ملجم المرادي لعنه الله، وهو قاتله في الكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد صلى الله عليه وآله،