يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك، فبكى أبو طالب ورفع يده إلى الله عز وجل (1) وقال:
(إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة) فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فتدعو بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها.
فلما كانت الليلة التي ولد (2) أمير المؤمنين عليه السلام أشرقت السماء بضيائها، وتضاعف نور نجومها، وأبصرت من ذلك قريش عجبا، فهاج (3) بعضها في بعض وقالوا: قد أحدث في السماء حادثة، وخرج أبو طالب وهو (4) يتخلل سكك مكة وأسواقها ويقول: يا أيها الناس تمت حجة الله، وأقبل الناس يسألونه عن علة ما يرونه من إشراق السماء وتضاعف نور النجوم، فقال لهم (5): أبشروا فقد ظهر في هذه الليلة ولي من أولياء الله يكمل الله فيه خصال الخير، ويختم به الوصيين، وهو إمام المتقين، وناصر الدين، وقامع المشركين وغيظ المنافقين، وزين العابدين، ووصي رسول رب العالمين، امام هدى، ونجم على، و مصباح دجى (6)، ومبيد الشرك والشبهات، وهو نفس اليقين ورأس الدين، فلم يزل يكرر هذه الكلمات والألفاظ إلى أن أصبح، فلما أصبح غاب عن قومه أربعين صباحا.
قال جابر: فقلت: يا رسول الله (7) إلى أين غاب؟ قال: إنه مضى يطلب المثرم، كان (8) وقد مات في جبل اللكام، فاكتم يا جابر فإنه من أسرار الله المكنونة (9) وعلومه