عبد المطلب مسلما مؤمنا [وشعره في ديوانه يدل على إيمانه، ثم محبته وتربيته ونصرته و معاداة أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وموالاة أوليائه، وتصديقه إياه بما جاء به من ربه، و أمره لولديه: علي وجعفر بأن يسلما ويؤمنا بما يدعو إليه، وأنه خير الخلق، وأنه يدعو إلى الحق والمنهاج المستقيم، وأنه رسول الله رب العالمين، فثبت ذلك في قلوبهما، فحين دعاهما رسول الله صلى الله عليه وآله أجاباه في الحال، وما تلبثا لما قد قرره أبوهما عندهما من أمره، و كانا يتأملان أفعال رسول الله صلى الله عليه وآله فيجدانها كلها حسنة يدعو إلى سداد واستناد (1)، فحسبك إن كنت منصفا منه هذا أن يسمح بمثل علي وجعفر ولديه - وكانا من قلبه بالمنزلة المعروفة المشهورة لما يأخذان به أنفسهما من الطاعة له، والشجاعة وقلة النظير لهما - أن يطيعا رسول الله صلى الله عليه وآله فيما يدعوهما إليه من دين وجهاد، وبذل أنفسهما، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه من غير حاجة إليه لا في مال ولا في جاه ولا غيره، لان عشيرته أعداؤه، وأما المال فليس له، فلم يبق إلا الرغبة فيما جاء به من ربه (2).
أقول: الظاهر أنه إلى هنا من الرواية لأنه رحمه الله قال بعد ذلك: فهذا الحديث مروي عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام فلقد بين حال أبي طالب فيه أحسن تبيين، ونبه على إيمانه أجل تنبيه، ولقد كان هذا الحديث كافيا (3) في معرفة إيمان أبي طالب أسكنه الله جنته (4) لمن كان منصفا لبيبا عاقلا أديبا. وقد كنت سمعت جماعة من أصحابنا العلماء مذاكرة يروون عن الأئمة الراشدين من آل محمد صلوات الله عليهم أنهم سئلوا عن قول النبي صلى الله عليه وآله المتفق على روايته المجمع على صحته: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) فقالوا: أراد بكافل اليتيم عمه أبا طالب لأنه كفله يتيما من أبويه ولم يزل شفيقا عليه (5).
ثم قال قدس سره:] *