أن لا يشهد، وجلد الثلاثة من حيث صاروا قذفة، قالوا (1): ليس حالهم (2) وقد شهدوا كحال من لم تتكامل الشهادة عليه، لان الحيلة في إزالة الحد عنه - ولما تكاملت الشهادة - ممكنة بتلقين وتنبيه وغيره، ولا حيلة فيما قد وقع من الشهادة، فلذلك حدهم، وليس في إقامة الحد عليهم من الفضيحة ما في تكامل الشهادة على المغيرة، لأنه يتصور بأنه زان ويحكم بذلك فيه، وليس كذلك حال الشهود، لأنهم لا يتصورون بذلك وإن وجب في الحكم أن يجعلوا في حكم القذفة، على أنه قيل إن القذف منهم كان (3) تقدم بالبصرة، لأنهم صاحوا به في نواحي (4) المسجد بأنا نشهد بأنك زان، فلو لم يعيدوا الشهادة لكان يحدهم لا محالة، فلم يمكن (5) في إزالة الحد عنهم ما أمكن في المغيرة، وما روي من أن عمر إذا رآه كان يقول: لقد خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء..، غير صحيح، ولو صح لكان تأويله التخويف وإظهار قوة الظن بصدق القوم لما شهدوا عليه ردعا (6) له، وغير ممتنع أن يحب (7) أن لا يفتضح لما كان متوليا للبصرة من قبله، وسكوت زياد عن إقامة الشهادة لا يوجب تفسيقه، لأنا علمنا بالشرع أن له السكوت، ولو كان فسقا لما ولاه أمير المؤمنين عليه السلام فارس، ولما إئتمنه (8) على أموال المسلمين ودمائهم.
قيل (9) لهم: إنما نسب عمر إلى تعطيل الحد من حيث كان في حكم