الطعن الخامس:
إنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة لما شهدوا عليه بالزنا، ولقن الشاهد الرابع الامتناع من الشهادة اتباعا لهواه، فلما فعل ذلك عاد إلى الشهود وفضحهم وحدهم، فتجنب أن يفضح المغيرة - وهو واحد وكان آثما - وفضح الثلاثة، وعطل حد الله ووضعه في غير موضعه.
قال ابن أبي الحديد (1): روى الطبري في تاريخه (2)، عن محمد بن يعقوب ابن عتبة، عن أبيه، قال: كان المغيرة يختلف إلى أم جميل - امرأة من بني هلال بن عامر - وكان لها زوج من ثقيف هلك قبل ذلك يقال له: الحجاج بن عبيد، وكان المغيرة - وهو أمير البصرة - يختلف إليها سرا، فبلغ ذلك أهل البصرة فأعظموا، فخرج المغيرة يوما من الأيام (3) فدخل عليها - وقد وضعوا عليهما الرصد - فانطلق القوم الذين شهدوا عند عمر فكشفوا الستر فرأوه قد واقعها، فكتبوا بذلك إلى عمر، وأوفدوا إليه بالكتاب أبا بكرة، فانتهى أبو بكرة إلى المدينة، وجاء إلى باب عمر فسمع صوته وبينه وبينه حجاب، فقال: أبو بكرة؟. فقال: نعم. قال: لقد جئت لشر!. قال: إنما جاء به (4) المغيرة.. ثم قص عليه القصة وعرض عليه الكتاب، فبعث (5) أبا موسى عاملا وأمره أن يبعث إليه المغيرة، فلما دخل أبو موسى البصرة وقعد في الامارة أهدى إليه المغيرة عقيلة (6)، وقال: وإنني قد رضيتها