حال زياد كحال الثلاثة في أنه إنما حضر للشهادة، وإنما عدل عنها لكلام عمر.
وقولهم: إن الشرع يبيحه السكوت.. ليس بصحيح، لان الشرع قد حظر كتمان الشهادة.
وقولهم: لم يفسق زياد لان أمير المؤمنين عليه السلام ولاه فارس.. فليس بشئ يعتمد، لأنه لا يمتنع أن يكون تاب بعد ذلك وأظهر توبته له عليه السلام، فجاز أن يوليه.
وكان بعض أصحابنا يقول في قصة المغيرة شيئا طيبا - وهو معتمد في باب الحجة - وهو (1) أن زيادا إنما امتنع من التصريح بالشهادة المطلوبة في الزنا، وقد شهد بأنه شاهده بين شعبها الأربع وسمع نفسا عاليا، فقد صح على المغيرة بشهادة الأربعة جلوسه منها جلوس مجلس (2) الفاحشة.. إلى غير ذلك من مقدمات الزنا وأسبابه، فألا ضم إلى جلد الثلاثة تعزير هذا الذي صح عنده بشهادة الأربعة ما (3) صح من الفاحشة مثل (4) تعريك (5) اذنه أو ما جرى مجراه من خفيف التعزير ويسيره؟!، وهل في العدول عن ذلك حين عدل (6) عن لومه وتوبيخه والاستخفاف به إلا ما ذكروه من السبب الذي يشهد الحال به، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول: اعترض ابن أبي الحديد (7) وغيره (8) على هذا الكلام بوجوه سخيفة لا طائل في التعرض لها لوهنها.