وقال ابن أبي الحديد (1) - في تضاعيف كلامه -: ورد في الخبر أن عمر قال للمغيرة: ما أظن أبا بكرة كذب عليك.. وقال: تقديره أظنه لم يكذب عليك، انتهى.
ولا يخفى أن هذا إسناد معصيته (2) إلى عمر، إذ لو لم يكن ذلك قذفا صريحا يوجب الحد فلا أقل يكون تعريضا يوجب التعزير، بل كذلك قوله: ما رأيتك إلا خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء (3)؟! وهل يقال مثل ذلك لمن ندب الله إلى درء الحد عنه وسمى في كتابه من رماه بالفجور كاذبا؟!، ولو أراد عمر أن يعظ المغيرة أمكنه أن يذكره عذاب الله ويأمره (4) بالاجتناب عن ارتكاب مساخطه على وجه لا يوجب قذفا، ولا يتضمن تعريضا.
ثم إن ما ذكروه أن سبب حبه للمغيرة أنه كان واليا من قبله فلا وجه له، بل لا يخفى على من تتبع أحوالهما أنه لم يكن الباعث على الحب وعلى جعله واليا إلا الاتفاق في النفاق والاشتراك في بغض أمير المؤمنين عليه السلام (5).