فقال المغيرة: لقد ألطفت النظر. قال: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به. فقال عمر: لا والله حتى تشهد، لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة. قال:
نعم، أشهد على ذلك. فقال عمر: أذهب عنك، مغيرة ذهب (1) ربعك.
قال أبو الفرج: ويقال: إن عليا عليه السلام هو قائل هذا القول، ثم دعا نافعا، فقال: على ما تشهد؟. قال: على مثل شهادة أبي بكرة. فقال عمر: لا، حتى تشهد أنك رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة. قال: نعم، حتى بلغ قذذه (2). فقال: أذهب عنك، مغيرة ذهب نصفك، ثم دعا الثالث - وهو شبل ابن معبد - فقال: على ماذا (3) تشهد؟. قال: على مثل شهادة صاحبي؟. فقال:
أذهب عنك، مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك. قال: فجعل المغيرة يبكي إلى المهاجرين فبكوا معه، وبكى إلى أمهات المؤمنين حتى بكين معه، قال: ولم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فأمر عمر أن ينحى الشهود الثلاثة وأن لا يجالسهم أحد من أهل المدينة، وانتظر قدوم زياد، فلما قدم جلس له في المسجد واجتمع رؤوس المهاجرين والأنصار، قال المغيرة - وكنت قد أعددت كلمة أقولها - فلما رأى عمر زيادا مقبلا قال: إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين (4).