جميع الأمة، فيلزم على ما فهم من دلالة الشهادة على البقاء وتأخر الموت أن يعتقد تأخر موت كل واحد من الأمة عن الناس، فكان عليه أن لا يذعن بموت أحد من الأمة، ولو سامحنا في كون المراد بعض الأمة لا نهدم أساس إنكاره، إذ لا شك في تأخر موته صلى الله عليه وآله عن بعض أمته، وأنه قد مات قبله كثير من أمته، ولو كان المراد ب (البعض) الصحابة لزمه أن لا يذعن بموت أحد منهم، ولم يتعين ذلك البعض بوجه آخر حتى يزعم تأخر موته صلى الله عليه وآله عنهم.
وبالجملة، سوء الفهم وسخافة الرأي في مثل هذا الاستنباط مما لا يريب فيه عاقل، والظاهر أن هذا الاعتلال مما تفطن به بعد حال الانكار فدفع به بزعمه شناعة إنكاره.
ثم إنه أجاب شارح المقاصد (1) بوجه آخر، وهو: أن ذلك الاشتباه كان لتشوش البال، واضطراب الحال، والذهول عن جليات الأحوال.
وحكى شارح كشف الحق (2) عن بعضهم أنه قال: كان هذا الحال من غلبة المحبة، وشدة المصيبة، وإن قلبه كان لا يأذن له أن يحكم بموت النبي صلى الله عليه وآله.. وهذا أمر كان قد عم جميع المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وآله حتى جن بعضهم، وأغمي على بعضهم من كثره الهم، واختبل بعضهم، فغلب عمر شدة حال المصيبة، فخرج عن حال العلم والمعرفة وتكلم بعدم موته وأنه ذهب إلى مناجاة ربه.. وأمثال هذا لا يكون طعنا.
ويرد عليه أنه من الضروريات العادية أن من عظمت عليه المصيبة وجلت الرزية بفقد حبيبه حتى اشتبهت عليه الأمور الضرورية لا يترك تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ولا يسرع إلى السقيفة لعقد البيعة والطمع في الخلافة