عن الزهري (1)، عن أنس أنه لما بويع أبو بكر في السقيفة - وكان الغد - جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم (2) قبل أبي بكر، فحمد الله عز وجل (3) وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس! إني (4) كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأي، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت لعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله مستدبر (5) أمرنا حتى يكون آخرنا موتا.
قال: وروى عكرمة، عن ابن عباس، قال: والله إني لامشي مع عمر في خلافته و (6) ما معه غيري، وهو يحدث نفسه ويضرب قدميه بدرته إذ التفت إلي، فقال: يا بن عباس! هل تدري ما حملني على مقاتلي التي قلت حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله؟. قال: قلت: لا أدري، أنت أعلم يا أمير المؤمنين، قال:
فإنه والله ما حملني على ذلك إلا أني (7) كنت أقرأ هذه الآية: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) * (8)، فكنت (9) أظن أنه سيبقى بعد أمته حتى يشهد عليها بآخر (10) أعمالها، فإنه الذي حملني على أن قلت ما قلت.
والظاهر أنه جعل المخاطب بقوله تعالى: * (وكذلك جعلناكم أمة..) * (11).