الخروج في الجيش الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكرر ويردد الامر (1) بتنفيذه -: لم أكن لأسأل عنك الركب؟ ما هذا الجزع والهلع وقد أمنكم الله من موته.. بكذا، ومن وجه.. كذا (2)، وليس هذا من أحكام الكتاب التي يعذر من لا يعرفها - على ما ظنه - صاحب الكتاب، انتهى كلامه قدس الله روحه.
وأقول (3): وأعجب من قول عمر قول من يتوجه لتوجيه كلامه! وأي أمر أفحش من إنكار مثل هذا الامر عن مثل عمر - مع اطلاعه على مرض النبي صلى الله عليه وآله منذ حدث إلى أوان اشتداده، وانتهاء حاله إلى حيث انتهى - وكانت ابنته زوجة النبي صلى الله عليه وآله ومن ممرضاته، وقد رجع عن جيش أسامة بعد أمر النبي صلى الله عليه وآله له بالخروج في الخارجين (4) خوفا من أن يحضره الوفاة فينقل الامر إلى من لا يطيب نفسه به، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد بين للناس في مجالس عديدة دنو أجله وحضور موته، وأوصى للأنصار وأمر الناس باستيفاء حقوقهم كما هو دأب من حضره الموت، كما روي مفصلا في صحيح البخاري (5) وصحيح مسلم (6) وصحيح الترمذي (7) وكتاب جامع الأصول (8) وكامل ابن الأثير (9) وغيرها (10) من كتب السير والاخبار.