وقال مؤلف كتاب الصراط المستقيم (1): ذكره الطبري في تاريخه (2)، والبلاذري في أنساب الأشراف (3)، والسمعاني في الفضائل (4)، وأبو عبيدة:
قول (5) أبي بكر على المنبر - بعد ما بويع (6) -: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم (7).
وقد أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الشقشقية (8) بقوله: فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته.. وصحة الخطبة مسلمة عند ابن أبي الحديد (9) وقاضي القضاة (10) وغيرهما (11) كما عرفت.
وأما عدم رواية أصحاب أصولهم قصة الاستقالة فلا حجة فيه، لأنهم لا يروون ما لا تتعلق أغراضهم بروايته، بل تعلق غرضهم بانمحاء ذكره.
ويدل على بطلان ما زعمه من أن أبا بكر أراد اختبار حال الناس في اليوم الثاني من بيعته ليعلم وليه من عدوه، قول أمير المؤمنين عليه السلام: بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته.. إذ لو كان المراد ما توهمه لم يكن عقده لآخر بعد الوفاة مع الاستقالة في الحياة موضعا للعجب، وإنما التعجب من صرفها عن أمير المؤمنين عليه السلام عند الوفاة وعقدها لغيره مع الاستقالة منها