وأورد عليه ابن أبي الحديد (1):.. بأن أبا بكر كان حديدا (2) ولكن لا يخل ذلك بالإمامة، لان المخل بالإمامة من ذلك ما يخرج به الانسان عن العقل، فأما ما دون ذلك فلا، وقوله: فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم.. محمول على البلاغة (3) في وصف القوة الغضبية لا على ظاهره، لأنه لم ينقل أنه قام إلى رجل فضربه بيده ومزق شعره...
وأما قول شيخنا أبي علي أن كلام أبي بكر خرج مخرج الاشفاق والحذر..
فجيد.
واعتراض المرتضى غير لازم، لان في هذه عادة العرب يعبرون عن الامر بما هو منه بسبيل، كقولهم: لا تدن من الأسد فيأكلك، ليس أنهم قطعوا على الاكل عند الدنو.
فأما الكلام في قوله: أقيلوني.. فلو صح الخبر لم يكن فيه مطعن عليه، لأنه إنما أراد في اليوم الثاني اختبار حالهم في (4) البيعة التي وقعت في اليوم الأول ليعلم ولهى من عدوه منهم... على أنا لو سلمنا أنه استقالهم البيعة حقيقة، فلم قال المرتضى: إن ذلك لا يجوز؟. أليس يجوز للقاضي أن يستقيل من القضاء بعد توليه إياه ودخلوه فيه؟ فكذلك يجوز للامام أن يستقيل من الإمامة إذا آنس من نفسه ضعفا عنها، أو آنس من رعيته نبوة (5) عنه أو أحس بفساد ينشأ في الأرض من جهة ولايته على الناس، ومن يذهب إلى (6) أن الإمامة تكون بالاختيار كيف