هو تأويل تأول به متعصبوا أبي بكر لانتزاع البراءة منه، وليس بشئ. انتهى.
ومما يدل على بطلانه، أنه لو كان ذلك معروفا من عادة العرب لما خفي على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بعث أبا بكر، ولا على أبي بكر وعمر العارفين بسنن الجاهلية الذين يعتقد المخالفون أنهما كانا وزيري رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه كان لا يصدر عن شئ ولا يقدم على أمر إلا بعد مشاورتهما واستعلام رأيهما، ولو كان بعث أمير المؤمنين عليه السلام استدراكا لما صدر عنه على الجهل بالعادة المعروفة أو الغفلة عنها، لقال الله له: اعتذر إلى أبي بكر، وذكره عادة الجاهلية حتى لا يرجع خائفا يترقب نزول شئ فيه، أو كان يعتذر إليه بنفسه صلى الله عليه وآله بعد رجوعه، بل لو كان كذلك فما غفل عنها الحاضرون من المسلمين حين بعثه والمطلعون عليه، ولا احتاج صلى الله عليه وآله إلى الاعتذار بنزول جبرئيل لذلك من عند الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد (1) - في مقام الاعتذار، بعد رد اعتذار القوم بما عرفت -:
لعل السبب في ذلك أن عليا عليه السلام من بني عبد مناف، وهم جمرة (2) قريش بمكة، وعلي أيضا شجاع لا يقام له، وقد حصل في صدور قريش منه (3) الهيبة الشديدة والمخافة العظيمة، فإذا حصل مثل هذا الشجاع البطل وحوله من بني عمه من (4) هم أهل العز والقوة والحمية، كان أدعى إلى نجاته من قريش وسلامة نفسه، وبلوغ الغرض من نبذ العهد على يده.
ولا يخفى عليك أنه تعليل عليل، إذ لو كان بعث أمير المؤمنين عليه السلام باجتهاد منه صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الغرض سلامة من أرسل لتبليغ