ثم إن إمامهم الرازي ترقى في التعصب في هذه الباب حتى قال (1): قيل قرر أبا بكر على الموسم وبعث عليا عليه السلام خليفة (2) لتبليغ هذه الرسالة حتى يصلي (3) خلف أبي بكر ويكون ذلك جاريا مجرى تنبيه (4) على إمامة أبي بكر، والله أعلم. قال (5): وقرر الجاحظ هذا المعنى، فقال: إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بعث أبا بكر أميرا على الحاج وولاه الموسم، وبعث عليا يقرأ على الناس آيات من سورة براءة، فكان أبو بكر الامام وعلي المؤتم، وكان أبو بكر الخطيب وعلي المستمع، وكان أبو بكر الرافع بالموسم والسائق (6) لهم، والآمر لهم ولم يكن ذلك لعلي عليه السلام (7). انتهى.
وأقول: الطعن في هذا الكلام من وجوه:
الأول: إن بقاء أبي بكر على إمارة الموسم ممنوع، كما مر وسيأتي.
الثاني: إن الامارة على من جعله الرسول صلى الله عليه وآله من أهل الموسم بنفسها لا يقتضي صلاتهم خلف الأمير، فضلا عن اقتضائه فيمن لم يكن من أهل الموسم وبعثه الرسول صلى الله عليه وآله أخيرا لتبليغ الآيات من الله سبحانه ومن رسوله صلى الله عليه وآله، وخلو الاخبار من الصلاة مما لا سترة فيه.
الثالث: إن تقرير أبي بكر على الموسم لو دل على الامر بالصلاة خلفه لم يثبت له فضيلة على ما زعموه من جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر (8).