وقد حكى في كتاب الصراط المستقيم (1)، عن كتاب المفاضح (2) أن جماعة قالوا لأبي بكر: أنت المعزول والمنسوخ من الله ورسوله صلى الله عليه وآله عن أمانة واحدة، وعن راية خيبر، وعن جيش العاديات، وعن سكنى المسجد، وعن الصلاة (3)، ولم ينقل أنه أجاب وعلل بمثل هذه التعليلات.
والعجب من هؤلاء المتعصبين الذين يدفعون منقصة عن مثل أبي بكر بإثبات جهل أو غفلة عن عادة معروفة أو مصلحة من المصالح التي لا يغفل عنها آحاد الناس للرسول المختار الذي لا ينطق عن الهوى، وليس كلامه إلا وحيا يوحى، أو لا يجوز (4) عليه السهو والنسيان، بل يثبتون ذلك له ولجميع أصحابه، نعوذ بالله من التورط في ظلم الضلالة والانهماك في لجج الجهالة.
وأعجب من ذلك أنهم يجعلون تقديم أبي بكر للصلاة نصا صريحا لخلافته - مع ما قد عرفت مما فيه من وجوه السخافة - ويتوقفون في أن يكون مثل هذا التخصيص والتنصيص والكرامة موجبا لفضيلة له عليه السلام، مع أنهم رووا أن جبرئيل عليه السلام قال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك (5).
فإما أن يراد به الاختصاص التام الذي كان بين الرسول صلى الله عليه وآله وبين أمير المؤمنين عليه السلام كما يدل عليه ما سيأتي (6) ومضى (7) من الروايات