بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٢٩
انتدب في تلك الغزاة، فيهم أبو بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة وقتادة بن النعمان، فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله غضبا شديدا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس! فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إنه كان للامارة لخليقا، وإن ابنه من بعده لخليق للامارة، وإن (1) كان لمن أحب الناس إلى فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم.
ثم نزل فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وآله ويمضون إلى العسكر بالجرف، وثقل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وجعه، فدخل أسامة من معسكره والنبي صلى الله عليه وآله مغمى عليه، وفي رواية: قد أصمت وهو لا يتكلم فطأطأ رأسه فقبله رسول الله صلى الله عليه وآله، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة. قال: فعرفت أنه يدعو لي، ورجع أسامة إلى معسكره، فأمر الناس بالرحيل، فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه - أم أيمن - قد جاءه يقول:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله يموت.. إلى آخر القصة.
وذكر ابن الأثير في الكامل (2) أن في المحرم من سنة إحدى عشرة ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بعثا إلى الشام وأميرهم أسامة بن زيد.. وذكر بعض ما مر، وصرح بأنه كان منهم أبو بكر وعمر، قال: وهما ثبتا (3) الناس على الرضا

(١) كذا، والظاهر: وانه.
(٢) الكامل في التاريخ لابن الأثير ٢ / ٣٣٤ - ٣٣٦.
(٣) قال في الصحاح ١ / ٢٤٥: وأثبته غيره وثبته بمعنى، ويقال أثبته السقم: إذا لم يفارقه، وقوله تعالى: (ليثبتوك).. أي يجرحوك جراحة لا تقوم معها، ونحوه في لسان العرب ٢ / 19 - 20. وعليه فيحتمل أن يكون المعنى: أنهما يجرحان الناس ويعيبان عليهم لرضايتهم بإمارة أسامة. ويحتمل أن العبارة هكذا: ثبطا الناس عن الرضا أو تبطئا...
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691