بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٤
الأنبياء واحدا بعد واحد، وأن عرج به إلى السماء، وغير ذلك من العجائب التي أخبر بها الناس " إنه هو السميع " لأقوال من صدق بذلك أو كذب " البصير " بما فعل من الاسراء والمعراج انتهى (1).
وقال الرازي في تفسيره: اختلف المسلمون في كيفية ذلك الاسراء، فالأكثرون من طوائف المسلمين اتفقوا على أنه أسري بجسد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأقلون قالوا: إنه ما أسري إلا بروحه.
حكى محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال: كان ذلك رؤيا (2)، وأنه ما فقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنما أسري بروحه، وحكى هذا القول أيضا عن عائشة وعن معاوية، واعلم أن الكلام في هذا الباب يقع في مقامين:
أحدهما: في إثبات الجواز العقلي، والثاني في الوقوع.
أما الأول فنقول: الحركة الواقعة في السرعة إلى هذا الحد ممكنة في نفسها، والله تعالى قادر على جميع الممكنات، فنفتقر إلى مقدمتين:
أما الأولى فبوجوه:
الأول: أن الفلك الأعظم يتحرك من أول الليل إلى آخره ما يقرب من نصف الدور، وقد ثبت في الهندسة أن نسبة القطر إلى الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع، فليزم أن تكون نسبة نصف القطر إلى نصف الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع، وبتقدير أن يقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ارتفع من مكة إلى ما فوق الفلك الأعظم فهو لم يتحرك إلا مقدار نصف

(1) مجمع البيان 6: 395 و 396.
(2) لا يناسب ذلك قوله: " سبحان " الذي هو في مقام تعظيم الامر واكباره، أو في مقام التعجيب ولا قوله: " أسرى " لأنه حقيقة في التسيير بالليل، ولا قوله: " بعبده " لأنه حقيقة في الروح والجسم ولا قوله: " لنريه " مع أنه لو كان ذلك في النوم لكان يمكن لكل أحد، فلا معنى للتعظيم أو الاعجاب، والآيات الواردة في سورة النجم صريحة أيضا في أنه رأى جبرئيل عند سدرة المنتهى حين عرج به إلى السماء قال الله تعالى: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى " وفى قوله:
" ما زاغ البصر وما طغى " تصريح بأن ذلك لم يكن في النوم، بل كان في الشهود حقيقة، وما مال بصره ولا تجاوز. بل رآه رؤية صحيحة حقيقية.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410