الأنبياء واحدا بعد واحد، وأن عرج به إلى السماء، وغير ذلك من العجائب التي أخبر بها الناس " إنه هو السميع " لأقوال من صدق بذلك أو كذب " البصير " بما فعل من الاسراء والمعراج انتهى (1).
وقال الرازي في تفسيره: اختلف المسلمون في كيفية ذلك الاسراء، فالأكثرون من طوائف المسلمين اتفقوا على أنه أسري بجسد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأقلون قالوا: إنه ما أسري إلا بروحه.
حكى محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال: كان ذلك رؤيا (2)، وأنه ما فقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنما أسري بروحه، وحكى هذا القول أيضا عن عائشة وعن معاوية، واعلم أن الكلام في هذا الباب يقع في مقامين:
أحدهما: في إثبات الجواز العقلي، والثاني في الوقوع.
أما الأول فنقول: الحركة الواقعة في السرعة إلى هذا الحد ممكنة في نفسها، والله تعالى قادر على جميع الممكنات، فنفتقر إلى مقدمتين:
أما الأولى فبوجوه:
الأول: أن الفلك الأعظم يتحرك من أول الليل إلى آخره ما يقرب من نصف الدور، وقد ثبت في الهندسة أن نسبة القطر إلى الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع، فليزم أن تكون نسبة نصف القطر إلى نصف الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع، وبتقدير أن يقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ارتفع من مكة إلى ما فوق الفلك الأعظم فهو لم يتحرك إلا مقدار نصف