بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٩
وذلك أنهم جادلوه حين أسري به، فقالوا: صف لنا بيت المقدس، وأخبرنا عن عيرنا في طريق الشام " ولقد رآه نزلة أخرى " أي جبرئيل في صورته نازلا (1) من السماء نزلة أخرى وذلك أنه رآه مرتين في صورته " عند سدرة المنتهى " أي رآه محمد وهو عند سدرة المنتهى، وهي شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة، انتهى إليها علم كل ملك (2) وقيل: هي شجرة طوبى " إذ يغشى السدرة ما يغشى " قيل: يغشاها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجرة، وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: رأيت على كل ورقة من أوراقها ملكا قائما يسبح الله تعالى، وقيل: يغشاها من النور والبهاء والحسن والصفاء الذي يروق الابصار ما ليس لوصفه منتهى، وقيل: يغشاها فراش (2) من ذهب عن ابن عباس، وكأنها ملائكة على صورة الفراش يعبدون الله تعالى، والمعنى أنه رأى جبرئيل على صورته في الحال التي يغشى فيها السدرة، من أمر الله ومن العجائب المنبهة على كمال قدرة الله تعالى ما يغشاها.
" ما زاغ البصر وما طغى " لم يمل بصره يمينا وشمالا، وما جاوز القصد، ولا الحد الذي حد له " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " مثل سدرة المنتهى، وصورة جبريل ورؤيته وله ستمائة جناح قد سد الأفق بأجنحته، وقيل: إنه رأى رفرفا أخضر من رفارف الجنة قد سد الأفق انتهى كلامه رفع الله مقامه (4).
وأقول: اعلم أن عروجه (صلى الله عليه وآله) إلى بيت المقدس ثم إلى السماء في ليلة واحدة بجسده الشريف مما دلت عليه الآيات والأخبار المتواترة من طرف الخاصة والعامة، وإنكار أمثال ذلك أو تأويلها بالعروج الروحاني أو بكونه في المنام ينشأ إما من قلة التتبع في آثار الأئمة الطاهرين، أو من قلة التدين وضعف اليقين، أو الانخداع بتسويلات المتفلسفين، والأخبار الواردة في هذا المطلب لا أظن مثلها ورد في شئ من أصول المذهب، فما أدري

(1) في المصدر: في صورته التي خلق عليها نازلا.
(2) في المصدر: بعد ذلك: وقيل إليها ينتهى ما يهبط به من فوقها من أمر الله عن ابن مسعود والضحاك، وقيل: إليها ينتهى أرواح الشهداء، وقيل إليها ينتهى ما يهبط به من فوقها ويقبض منها، وإليها ينتهى ما يعرج من الأرواح ويقبض منها، والمنتهى: موضع الانتهاء.
(3) الفراش: طائر صغير يتهافت على السراج فيحترق، يقال له بالفارسية: پروانه.
(4) مجمع البيان 9: 174 و 175.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410