بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٩
الحال ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، وكان زكريا الحجة لله على الناس بعد صمت عيسى بسنتين، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عز وجل: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا (1) " فلما بلغ عيسى (عليه السلام) سبع سنين تكلم النبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين إلى آخر الخبر (2).
وقد ورد في أخبار كثيرة أن الله لم يعط نبيا فضيلة ولا كرامة ولا معجزة إلا وقد أعطاه نبينا (صلى الله عليه وآله)، فكيف جاز أن يكون عيسى (عليه السلام) في المهد نبيا، ولم يكن نبينا (صلى الله عليه وآله) إلى أربعين سنة نبيا؟ ويؤيده ما مر في أخبار ولادته (صلى الله عليه وآله) وما ظهر منه في تلك الحال من إظهار النبوة، وما مر وسيأتي من أحوالهم وكمالهم في عالم الأظلة وعند الميثاق، وأنهم كانوا يعبدون الله تعالى ويسبحونه في حجب النور قبل خلق آدم (عليه السلام) وأن الملائكة منهم تعلموا التسبيح والتهليل والتقديس إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في بدء أنوارهم، ويؤيده ما ورد في أخبار ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه (عليه السلام) قرأ الكتب السماوية على النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ولادته، وما سيأتي من أن القائم (عليه السلام) في حجر أبيه (عليه السلام) أجاب عن المسائل الغامضة، وأخبر عن الأمور الغائبة، وكذا سائر الأئمة عليهم السلام كما سيأتي في أخبار ولادتهم (عليهم السلام) ومعجزاتهم، فكيف يجوز عاقل أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك أدون منهم جميعا؟
الخامس: أنه (صلى الله عليه وآله) بعد ما بلغ حد التكليف لابد من أن يكون إما نبيا عاملا بشريعته أو تابعا لغيره، لما سيأتي من الأخبار المتواترة أن الله لا يخلي الزمان من حجة ولا يرفع التكليف عن أحد، وقد كان في زمانه أوصياء عيسى (عليه السلام) وأوصياء إبراهيم (عليه السلام) فلو لم يكن أوحي إليه بشريعة ولم يعلم أنه نبي كيف جاز له أن لا يتابع أوصياء عيسى (عليه السلام) ولا يعمل بشريعتهم إن كان عيسى (عليه السلام) مبعوثا إلى الكافة، وإن لم يكن مبعوثا إلى الكافة، وكان شريعة إبراهيم (عليه السلام) باقيا في بني إسماعيل كما هو الظاهر، فكان عليه أن يتبع أوصياء إبراهيم (عليه السلام)، ويكونوا حجة عليه (صلى الله عليه وآله)، وهو باطل بوجهين:

(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410