بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٦
السابع أن من الناس من يقول: إن الحيوان إنما يبصر المبصرات بخروج الشعاع من البصر واتصالها بالمبصر، فعلى قول هؤلاء انتقل شعاع العين من أبصارنا إلى زحل (1) في تلك اللحظة اللطيفة، وذلك يدل على أن الحركة الواقعة على هذا الحد من السرعة من الممكنات، لا من الممتنعات.
المقدمة الثانية: في بيان أن هذه الحركة لما كانت ممكنة الوجود في نفسها وجب أن لا يكون حصولها في جسد محمد (صلى الله عليه وآله) ممتنعا، لأنا قد بينا أن الأجسام متماثلة في تمام ماهيتها، فلما صح حصول مثل هذه الحركة في حق بعض الأجسام وجب إمكان حصولها في سائر الأجسام، فيلزم من مجموع هذه المقدمات أن القول بثبوت هذا المعراج أمر ممكن الوجود في نفسه، أقصى ما في الباب أنه يبقى التعجب إلا أن هذا التعجب غير مخصوص بهذا المقام، بل هو حاصل في جميع المعجزات، فانقلاب العصا ثعبانا، يبتلع سبعين ألف حبل من الحبال والعصي ثم تعود في الحال عصا صغيرة كما كانت أمر عجيب، وكذا سائر المعجزات.
وأما المقام الثاني: وهو وقوع المعراج فقد قال أهل التحقيق: الذي يدل على أنه تعالى أسرى بروح محمد وجسده من مكة إلى المسجد الأقصى القرآن والخبر، أما القرآن فهو هذه الآية (2)، وتقرير الدليل أن العبد اسم للجسد والروح، فيجب أن يكون الاسراء حاصلا بجميع الجسد والروح، ويؤيده قوله تعالى: " أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى (3)، ولا شك أن المراد ههنا مجموع الروح والجسد، وقال: أيضا في سورة الجن " وإنه لما قام عبد الله (4) " والمراد مجموع الروح والجسد، فكذا ههنا، وأما الخبر فهو الحديث المروي في الصحاح وهو مشهور، وهو يدل على الذهاب من مكة إلى بيت المقدس، ثم منه إلى السماوات انتهى ملخص كلامه (5).

(١) في المصدر: رجل.
(٢) والآيات التي أوردناها قبل ذلك.
(٣) العلق: ٩ و 10.
(4) الآية: 19.
(5) مفاتيح الغيب 5: 365 و 366.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410