بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٧
وقد مر تفسير الآية الثانية في باب عصمته (صلى الله عليه وآله).
قوله تعالى: " علمه شديد القوى " قال البيضاوي: أي ملك شديد قواه، وهو جبرئيل (عليه السلام) " وذو مرة " حصافة في عقله ورأيه " فاستوى " فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، وقيل: استولى بقوته على ما جعل له من الامر " وهو " أي جبرئيل " بالأفق الاعلى " أفق السماء " ثم دنا " من النبي " فتدلى " فتعلق به، وهو تمثيل لعروجه بالرسول (صلى الله عليه وآله)، وقيل: ثم تدلى من الأفق الاعلى فدنا من الرسول، فيكون إشعارا بأنه عرج به غير منفصل عن محله، وتقريرا لشدة قوته، فإن التدلي استرسال مع تعلق " فكان " جبرئيل من محمد (صلى الله عليه وآله) " قاب قوسين " مقدارهما " أو أدنى " على تقدير كم، كقوله: أو يزيدون (1) " والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحى إليه بنفي البعد الملبس " فأوحى " جبرئيل " إلى عبده " أي عبد الله وإضماره قبل الذكر لكونه معلوما " ما أوحى " جبرئيل وفيه تفخيم للوحي به أو الله إليه، وقيل الضمائر كلها لله تعالى وهو المعني بشديد القوى، كما في قوله: " هو الرزاق ذو القوة المتين (2) " ودنوه منه برفع مكانته، وتدليه: جذبه بشراشره إلى جناب القدس " ما كذب الفؤاد ما رأى " أي ببصره من صورة جبرئيل، أو الله، أي ما كذب الفؤاد بصره بما حكاه له، فإن الأمور القدسية تدرك أولا بالقلب، ثم ينتقل منه إلى البصر، أو ما قال فؤاده لما رآه: لم أعرفك، ولو قال ذلك كان كاذبا، لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره، وقيل:
ما رآه بقلبه، والمعنى لم يكن تخيلا كاذبا، ويدل عليه أنه سئل (صلى الله عليه وآله) هل رأيت ربك؟
فقال: رأيته بفؤادي " أفتمارونه على ما يرى " أفتجادلونه عليه، من المراء وهو المجادلة " ولقد رآه نزلة أخرى " مرة أخرى، فعلة من النزول، وأقيمت مقام المرة ونصبت نصبها إشعارا بأن الرؤية في هذه المرة كانت أيضا بنزول ودنو، والكلام في المرئي والدنو ما سبق، وقيل: تقديره ولقد رآه نازلا نزلة أخرى، ونصبها على المصدر، والمراد به نفي الريبة عن

(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410