بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨١
الثالث: أنه (صلى الله عليه وآله) علم وجوب العمل بشريعة من قبله بالوحي، وأخذ الشريعة من أربابها، وهذا مع تضمنه للمطلوب كما عرفت - إذ لا يلزم منه إلا أن يكون نبيا أوحي إليه أن يعمل بشريعة موافقة لشريعة من تقدمه - باطل بما عرفت من العلم بعدم رجوعه (صلى الله عليه وآله) إلى أرباب الشرائع قط في شئ من أموره، وأما عكس ذلك فهو غير متصور إذ لا يجوز عاقل أن يوحي الله إلى عبده بكيفية شريعة لان يعمل بها ولا يأمره بالعمل بها حتى يلزمه الرجوع في ذلك إلى غيره، مع أنه يلزم أن يكون تابعا لغيره مفضولا وقد عرفت بطلانه، ثم إن قول من ذهب إلى أنه (صلى الله عليه وآله) كان عاملا بالشرائع المنسوخة كشريعة نوح وموسى (عليهما السلام) فهو أشد فسادا، لأنه بعد نسخ شرائعهم كيف جاز له (صلى الله عليه وآله) العمل بها إلا بأن يعلم بالوحي أنه يلزمه العمل بها، ومع ذلك لا يكون عاملا بتلك الشريعة، بل بشريعة نفسه موافقا لشرائعهم كما عرفت، وأما استدلالهم بقوله تعالى: " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان (1) " فلا يدل إلا على أنه (صلى الله عليه وآله) كان في حال لم يكن يعلم القرآن، وبعض شرائع الايمان، ولعل ذلك كان في حال ولادته قبل تأييده بروح القدس، كما دلت عليه رواية أبي حمزة (2) وغيرها، وهذا لا ينافي نبوته قبل الرسالة، و العمل بشريعة نفسه قبل نزول الكتاب، وبعد ما قررنا المطلوب في هذا الباب وما ذكرنا من الدلائل لا يخفى عليك ضعف بعض ما نقلنا في ذلك عن بعض الأعاظم، ولا نتعرض للقدح فيها بعد وضوح الحق، ولو أردنا الاستقصاء في إيراد الدلائل ودفع الشبهة لطال الكلام، ولخرجنا عن مقصودنا من الكتاب، والله الموفق للصواب (3).

(١) الشورى: ٥٢.
(2) تقدم الحديث، تحت رقم 26. ونظيره الحديث المتقدم تحت رقم: 22 راجع ص 265 و 266.
(3) إلى هنا تمت نسخة المصنف - قدس الله روحه الشريف، وقابلنا بعد ذلك على نسخة سنشير إلى خصوصياتها في مراجع التصحيح.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410