نقطع على أن ذلك كان في يقظته دون منامه.
وثالثها: ما يكون ظاهره مخالفا لبعض الأصول، إلا أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول، فالأولى أن نأوله على ما يطابق الحق والدليل.
ورابعها: مالا يصح ظاهره، ولا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد، فالأولى أن لا نقبله، فأما الأول المقطوع به فهو أنه أسري به (صلى الله عليه وآله) على الجملة وأما الثاني فمنه ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه طاف في السماوات ورأي الأنبياء والعرش وسدرة المنتهى و الجنة والنار ونحو ذلك، وأما الثالث فنحو ما روي أنه رأي قوما في الجنة يتنعمون فيها، ورأي قوما في النار يعذبون فيها، فيحمل على أنه رأى صفتهم وأسماءهم (1) وأما الرابع فنحو ما روي أنه (صلى الله عليه وآله) كلم الله سبحانه جهرة، ورآه وقعد ومعه على سريره، ونحو ذلك مما يوجب ظاهره التشبيه، والله سبحانه يتقدس عن ذلك، وكذلك ما روي أنه شق بطنه وغسل، لأنه (صلى الله عليه وآله) كان طاهر مطهرا من كل سوء وعيب، وكيف يطهر القلب وما فيه من الاعتقاد بالماء؟ " سبحان الذي أسرى بعبده " سبحان كلمة تنزيه لله عما لا يليق به، وقيل: يراد به التعجب (2)، والسري: السير بالليل " ليلا " قالوا: كان ذلك الليل قبل الهجرة بسنة " من المسجد الحرام " قال أكثر المفسرين: أسري به (صلى الله عليه وآله) من دار أم هانئ أخت علي (عليه السلام) وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي، وكان (صلى الله عليه وآله) نائما في تلك الليلة في بيتها، وإن المراد بالمسجد الحرام هنا مكة، ومكة والحرام كلها مسجد، وقال الحسن وقتادة: كان الاسراء من نفس المسجد الحرام " إلى المسجد الأقصى " يعني بيت المقدس لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام " الذي باركنا حوله " أي جعلنا البركة فيما حوله من الأشجار والثمار والنبات والامن والخصب حتى لا يحتاجوا إلى أن يجلب إليهم من موضع آخر، أو بأن جعلناه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة " لنريه من آياتنا " أي من عجائب حججنا، ومنها إسراؤه في ليلة واحدة من مكة إلى هناك، ومنها أن أراه