بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٠
أحدهما أنه يلزم أن يكونوا أفضل منه كما مر تقريره.
وثانيهما: ما مر من نفي كونه محجوجا بأبي طالب وبابى (1)، بل كانا مستودعين للوصايا.
السادس: أنه لا شك في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعبد الله قبل بعثته بما لا يعلم إلا بالشرع كالطواف والحج وغيرهما كما سيأتي أنه (صلى الله عليه وآله) حج عشرين حجة مستسرا (2) وقد ورد في أخبار كثيرة أنه (صلى الله عليه وآله) كان يطوف وأنه كان يعبد الله في حراء، وأنه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الاكل وغيره (3)، وكيف يجوز ذو مسكة من العقل على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة؟ والمكابرة في ذلك سفسطة، فلا يخلو إما أن يكون عاملا بشريعة مختصة به أوحى الله إليه، وهو المطلوب، أو عاملا بشريعة غيره وهو لا يخلو من وجوه:
الأول: أن يكون علم وجوب عمله بشريعة غيره، وكيفية الشريعة من الوحي وهو المطلوب أيضا، لأنه (صلى الله عليه وآله) حينئذ يكون عاملا بشريعة نفسه، موافقا لشريعة من تقدمه كما مر تقريره في كلام السيد رحمه الله.
الثاني: أن يكون علمهما جميعا من شريعة غيره، وهو باطل عرفت بوجهين:
أحدهما: أنه يلزم كون من يعمل بشريعته أفضل منه.
وثانيهما: أنه معلوم أنه (صلى الله عليه وآله) لم يراجع في شئ من الأمور إلى غيره، ولم يخالط أهل الكتاب، وكان هذا من معجزاته (صلى الله عليه وآله)، أنه أتى بالقصص مع أنه لم يخالط العلماء ولم يتعلم منهم: كما مر في وجوه إعجاز القرآن، وقد قال تعالى: " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم (4) " والمكابرة في هذا أيضا مما لا يأتي به عاقل.

(١) راجع ج ١٧ ص: ١٤٠ و ج ٣٥ ص: ٧٣.
(٢) وفى خبر غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام): لم يحج النبي بعد قدوم المدينة الا واحدة، وقد حج بمكة مع قومه حجات. وفى خبر عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه (صلى الله عليه وآله) حج عشر حجات مستسرا وفى خبر عمر بن يزيد عنه (عليه السلام):
حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير حجة الوداع عشرين حجة. وغير ذلك مما أوردها الشيخ الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة: باب استحباب تكرار الحج والعمرة راجع.
(٣) تقدمت أخبار في ذلك قبلا راجع ج ١٦.
(٤) الجمعة: ٢.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410