بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣
المولى للايتان بها وجد عليها مانعا يمنعه منها إلا بالثمن، ولا يملك العبد ثمنها، فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته فاغتاظ مولاه لذلك، وعاقبه على ذلك فإنه كان ظالما متعديا مبطلا لما وصف من عدله وحكمته ونصفته، وإن لم يعاقبه كذب نفسه أليس يجب أن لا يعاقبه؟ والكذب والظلم ينفيان العدل والحكمة، تعالى الله عما يقول المجبرة علوا كبيرا.
ثم قال العالم عليه السلام بعد كلام طويل: فأما التفويض الذي أبطله الصادق عليه السلام وخطأ من دان به فهو قول القائل: إن الله تعالى فوض إلى العباد اختيار أمره ونهيه و أهملهم، (1) وفي هذا كلام دقيق (2) لم يذهب إلى غوره ودقته إلا الأئمة المهدية عليهم السلام من عترة آل الرسول صلوات الله عليهم، فإنهم قالوا: لو فوض الله أمره إليهم على جهة الاهمال لكان لازما له رضا ما اختاره، (3) واستوجبوا به من الثواب، ولم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب (4) إذ كان الاهمال واقعا، وتنصرف هذه المقالة على معنيين:
إما أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحبه، فقد لزمه الوهن، أو يكون جل وتقدس عجز عن تعبدهم بالأمر والنهي عن إرادته، ففوض أمره ونهيه إليهم، وأجراهما على محبتهم، إذ عجز عن تعبدهم بالأمر والنهي على إرادته فجعل الاختيار إليهم في الكفر والايمان، ومثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه، ويعرف له فضل ولايته، ويقف عند أمره ونهيه، وادعى مالك العبد أنه قادر قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده ونهاه، ووعده على اتباع أمره عظيم الثواب وأوعده على معصيته أليم العقاب فخالف العبد إرادة مالكه، ولم يقف عند أمره ونهيه، فأي أمر أمره به أو نهي نهاه عنه لم يأتمر على إرادة المولى بل كان العبد يتبع إرادة نفسه، وبعثه في بعض حوائجه وفيها الحاجة له، فصار العبد بغير تلك الحاجة

(1) أهمله: تركه ولم يستعمله عمدا أو نسيانا.
(2) في المصدر: وهذا الكلام دقيق. م (3) في المصدر: ما اختاروه واستوجبوا به الثواب. م (4) أي لم يكن عليهم فيما اكتسبوا العقاب.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331