بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٤
فهذا النوع من المجاز والاستعارة مشهورة في الكلام فوجب حمل الكلام عليه، فهذا هو الكلام في تقرير هذين القولين، وهذا القول الثاني لا طعن فيه البتة، وبتقدير أن يصح هذا القول لم يكن ذلك منافيا لصحة القول الأول، إنما الكلام في أن القول الأول هل يصح أم لا؟.
فإن قال قائل: فما المختار عندكم فيه؟ قلنا: ههنا مقامان: أحدهما أنه هل يصح القول بأخذ الميثاق عن الذر؟ والثاني أن بتقدير أن يصح القول به فهل يمكن جعله تفسيرا لألفاظ هذه الآية؟
أما المقام الأول فالمنكرون له قد تمسكوا بالدلائل العقلية التي ذكرناها و قررناها.
ويمكن الجواب عن كل واحد منها بوجه مقنع.
أما الوجه الأول من الوجوه العقلية المذكورة وهو أنه لو صح القول بأخذ هذا الميثاق لوجب أن نتذكره الآن.
قلنا: خالق العلم بحصول الأحوال الماضية هو الله تعالى لأن هذه العلوم عقلية ضرورية، والعلوم الضرورية خالقها هو الله تعالى، وإذا كان كذلك صح منه تعالى أن يخلقها.
فإن قالوا: فإذا جوزتم هذا فجوزوا أن يقال: إن قبل هذا البدن كنا في أبدان أخرى على سبيل التناسخ، وإن كنا لا نتذكر الآن أحوال تلك الأبدان.
قلنا: الفرق بين الامرين ظاهر، وذلك لأنا إذا كنا في أبدان أخرى وبقينا فيها سنين ودهورا امتنع في مجرى العادة نسيانها أما أخذ هذا الميثاق إنما حصل في أسرع زمان وأقل وقت فلم يبعد حصول النسيان، والفرق الظاهر حاكم بصحة هذا الفرق لان الانسان إذا بقي على العمل الواحد سنين كثيرة يمتنع أن ينساها، أما إذا مارس العمل الواحد لحظة واحدة فقد ينساها فظهر الفرق.
وأما الوجه الثاني وهو أن يقال: مجموع تلك الذرات يمتنع حصولها بأسرها في
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331