تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك، قل كل من عند الله الحسنة والسيئة. ثم قال في آخر الآية: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " فكيف هذا وما معنى القولين؟.
فالجواب في ذلك من معنى القولين جميعا عن الصادقين عليهم السلام أنهم قالوا: الحسنات في كتاب الله على وجهين، والسيئات على وجهين، فمن الحسنات التي ذكرها الله الصحة والسلامة والامن والسعة في الرزق وقد سماها الله حسنات " وإن تصبهم سيئة " يعني بالسيئة ههنا المرض والخوف والجوع والشدة " يطيروا بموسى ومن معه " أي يتشاءموا به، والوجه الثاني من الحسنات يعني به أفعال العباد وهو قوله: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ومثله كثير. وكذا السيئات على وجهين فمن السيئات الخوف والجوع والشدة وهو ما ذكرناه في قوله: " وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه " وعقوبات الذنوب قد سماها الله السيئات كقوله تعالى: " جزاء سيئة سيئة مثلها ".
والوجه الثاني من السيئات يعني بها أفعال العباد الذين يعاقبون عليها وهو قوله:
" ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار " وقوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " يعني ما عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا و الآخرة فمن نفسك بأعمالك لان السارق يقطع، والزاني يجلد ويرجم، والقاتل يقتل فقد سمى الله العلل والخوف والشدة وعقوبات الذنوب كلها سيئات، فقال: " ما أصابك من سيئة فمن نفسك " بأعمالك، قوله: " قل كل من عند الله " يعني الصحة والعافية والسعة والسيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند الله. " ص 132 - 133 " بيان: لا يخفى أن الظاهر في الآية الأولى من الحسنة النعمة كالخصب والظفر والامن والفرح، ومن السيئة القحط والهزيمة والجوع والخوف، ويحتمل بعيدا ما ذكره علي بن إبراهيم من عقوبات الذنوب; وفي الآية الثانية يحتمل أن يكون المراد بالحسنة الطاعة فإنها بتوفيقه تعالى والنعمة فإنها بأنواعها من فضله تعالى، وبالسيئة الذنوب فإنها باختيارنا; أو عقوباتها فإنها بسبب أفعالنا، ولا ينافي ذلك كونها من الله، إذ تقديرها وإلزامها وإيجابها من الله وفعل ما يوجبها منا، ولعل كلام علي بن إبراهيم ناظر