بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٣
الاثبات قد جعلها الله من أسباب وجود الشئ وشرائطه لمصالح، وقد مر بيانها في باب البداء، فالمشية كتابة وجود زيد وبعض صفاته مثلا مجملا، والإرادة كتابة العزم عليه بتا مع كتابة بعض صفاته أيضا، والتقدير تفصيل بعض صفاته وأحواله لكن مع نوع من الاجمال أيضا، والقضاء تفصيل جميع الأحوال وهو مقارن للامضاء أي الفعل والايجاد، والعلم بجميع تلك الأمور أزلي قديم، فقوله: وبالمشية عرف على صيغة التفعيل، وشرح العلل كناية عن الايجاد.
وقال بعض الأفاضل: الظاهر من السؤال أنه كيف علم الله؟ أبعلم مستند إلى الحضور العيني في وقته والشهود لموجود عيني؟ (1) أو في موجود عيني كما في علومنا؟
أو بعلم مستند إلى الذات سابق على خلق الأشياء؟ فأجاب عليه السلام بأن العلم سابق على وجود المخلوق بمراتب، فقال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى، فالعلم ما به ينكشف الشئ، والمشية ملاحظته بأحوال مرغوب فيها يوجب فينا ميلا دون المشية له سبحانه لتعاليه عن التغير والاتصاف بالصفة الزائدة، والإرادة تحريك الأسباب نحوه بحركة نفسانية فينا بخلاف الإرادة فيه سبحانه، والقدر التحديد وتعيين الحدود والأوقات، والقضاء هو الايجاب، والامضاء هو الايجاد، فوجود الخلق بعد علمه سبحانه بهذه المراتب; وقوله: فأمضى ما قضى أي فأوجد ما أوجب، وأوجب ما قدر، وقدر ما أراد، ثم استأنف البيان على وجه أوضح فقال: بعلمه كانت المشية وهي مسبوقة بالعلم، و بمشيته كانت الإرادة وهي مسبوقة بالمشية، وبإرادته كان التقدير والتقدير مسبوق بالإرادة، وبتقديره كان القضاء والايجاب وهو مسبوق بالتقدير، إذ لا إيجاب إلا للمحدد الموقوف، وبقضائه وإيجابه كان الامضاء والايجاد; ولله تعالى البداء فيما علم متى شاء فإن الدخول في العلم أول مراتب السلوك إلى الوجود العيني، وله البداء فيما علم متى شاء أن يبدو وفيما أراد، وحرك الأسباب نحو تحريكه متى شاء قبل القضاء والايجاب فإذا وقع القضاء والايجاب متلبسا بالامضاء والايجاد فلا بداء فعلم أن في المعلوم العلم قبل كون المعلوم وحصوله في الأذهان والأعيان، وفي المشاء المشية قبل عينه ووجوده

(1) في بعض النسخ هكذا: أبعلم مستند إلى الحضور العيني في وقته والشهود في وقته بموجود.؟
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331