بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٩٢
يشاء إلا الجميل من الاعمال، ولا يريد القبائح، ولا يشاء الفواحش، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا، قال الله تعالى: " وما الله يريد ظلما للعباد " وقال: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " وقال: " يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم " الآية " والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما; يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا " فخبر سبحانه أنه لا يريد لعباده العسر، بل يريد بهم اليسر، وأنه يريد لهم البيان، ولا يريد لهم الضلال، ويريد التخفيف عنهم، ولا يريد التثقيل عليهم، فلو كان سبحانه مريدا لمعاصيهم لنا في ذلك إرادة البيان لهم، أو التخفيف عنهم واليسر لهم، فكتاب الله تعالى شاهد بضد ما ذهب إليه الضالون المفترون على الله الكذب، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
فأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: " فمن يرد الله أن يهديه " الآية فليس للمجبرة به تعلق ولا فيه حجة، من قبل أن المعنى فيه من أراد الله تعالى أن ينعمه ويثيبه جزاءا على طاعته شرح صدره للاسلام بالألطاف التي يحبوه بها، فييسر له بها استدامة أعمال الطاعات، والهداية في هذا الموضع هي التنعيم، قال الله تعالى - فيما خبر به عن أهل الجنة -: " الحمد لله الذي هدانا لهذا " (1) الآية أي نعمنا به وأثابنا إياه، والضلال في هذه الآية هو العذاب، قال الله تعالى: " إن المجرمين في ضلال وسعر " (2) فسمي العذاب ضلالا والنعيم هداية، والأصل في ذلك أن الضلال هو الهلاك، والهداية هي النجاة، قال الله تعالى - حكاية عن العرب -: " أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد " (3) يعنون إذا هلكنا فيها، وكأن المعنى في قوله: " فمن يرد الله أن يهديه " ما قدمناه " ومن يرد أن يضله " ما وصفناه، والمعنى في قوله: " يجعل صدره ضيقا حرجا " يريد سلبه التوفيق عقوبة له على عصيانه، ومنعه الألطاف جزاءا له على إساءته، فشرح الصدر:
ثواب الطاعة بالتوفيق، وتضييقه: عقاب المعصية بمنع التوفيق، وليس في هذه الآية على ما بيناه شبهة لأهل الخلاف فيما ادعوه من أن الله تعالى يضل عن الايمان، ويصد

(١) الأعراف: ٤٣.
(٢) القمر: ٤٧.
(3) ألم السجدة: 10.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331