ألا ترى إلى ما رواه عن أبي عبد الله عليه السلام من قوله: إذا حشر الله تعالى الخلائق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم (1) وقد نطق القرآن بأن الخلق مسؤولون عن أعمالهم انتهى كلامه رحمه الله.
وأقول: من تفكر في الشبه الواردة على اختيار العباد وفروع مسألة الجبر و الاختيار والقضاء والقدر علم سر نهي المعصوم عن التفكر فيها فإنه قل من أمعن النظر فيها ولم يزل قدمه إلا من عصمه الله بفضله.
25 - التوحيد: المفسر بإسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال الرضا عليه السلام - فيما يصف به الرب -: لا يجور في قضيته، الخلق إلى ما علم منقادون، وعلي ما سطر في كتابه ماضون، لا يعملون خلاف ما علم منهم، ولا غيره يريدون. الخبر. (2) 26 - التوحيد: في خبر الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن عليه السلام إن الله إرادتين ومشيتين:
إرادة حتم، وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أن الله نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك؟ ولو لم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيتهما مشية الله، وأمر إبراهيم بذبح ابنه وشاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشية إبراهيم مشية الله عز وجل. " ص 46 - 47 " أقول: أوردنا الخبر بإسناده وتمامه في باب جوامع التوحيد، قال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الخبر: إن الله تعالى نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة وقد علم أنهما يأكلان منها لكنه عز وجل شاء أن لا يحول بينهما وبين الاكل منها بالجبر والقدرة، كما منعهما عن الاكل منها بالنهي والزجر، فهذا معنى مشيته فيهما، ولو شاء عز وجل منعهما من الاكل بالجبر ثم أكلا منها لكان مشيتهما قد غلبت مشية الله كما قال العالم، تعالى الله عن العجز علوا كبيرا.
بيان: قيل: المراد بالمشية في تلك الأخبار هو العلم، وقيل: هي تهيئة أسباب الفعل بعد إرادة العبد ذلك الفعل، وقيل: إرادة بالعرض يتعلق بفعل العبد، والأصوب