فصل ليذكر من أصيب بمصيبة، أن المصائب والبلايا إنما يخص في الأغلب من لله به مزيد عناية، وله عليه إقبال وإليه توجه، وليتحقق ذلك قبل النظر في الكتاب والسنة فيمن يبتلى في دار الدنيا، فإنه يجد أشد الناس بلاء أهل الخير والصلاح بعد الأنبياء والرسل، والآيات الكريمة منبئة على ذلك، قال الله تعالى:
﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون﴾ (١) الآية، وقال تعالى: ﴿ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين﴾ (٢) وقال تعالى:
﴿وإذا تتلى عليهم آيتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا اي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا * قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا﴾ (3).
وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام البلاء، وما يختص الله عز وجل به المؤمن، فقال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيون، ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه، ومن سخف إيمانه، وضعف عمله قل بلاؤه) (4).
وروى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن عظيم الأجر مع عظيم البلاء، وما أحب الله - عز وجل - قوما إلا ابتلاهم) (5).
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن لله عز وجل عبادا في الأرض من خالص عباده، ما ينزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم، ولا بلية إلا صرفها إليهم) (6).
وعن الحسين بن علوان، عنه عليه السلام، أنه قال: (إن الله تعالى إذا أحب