يا شيخ! ارض للناس ما ترضى لنفسك، وآت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك.
ثم أقبل على أصحابه وقال: أيها الناس، أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فبين صريع يتلوى وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود وآخر لا يرجى وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه وعلى إثر الماضي يصير الباقي، إن الله خلق خلقا، ضيق عليهم الدنيا نظرا لهم فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان من الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، وتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة، والسلام (1).
() - ومن سائر الكتب: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يجد الرجل حلاوة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا (2).
() - وقال (صلى الله عليه وآله): حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا (3).
() - وقال (صلى الله عليه وآله): إن في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة، وفي طلب الآخرة إضرار بالدنيا فإنها أحق بالإضرار (4).