فمن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
أيها الناس! الزهادة قصر الأمل والشكر عند النعم والورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم، ولا تنسوا عند النعم شكركم، فقد أعذر الله إليكم بحجج مسفرة ظاهرة، وكتب بارزة العذر واضحة (1).
() - قال النبي (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم الرجل قد أعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقي الحكمة (2).
() - قيل للصادق (صلى الله عليه وآله): ما الزهد في الدنيا؟ قال: قد حد الله ذلك في كتابه فقال: * (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) * (3) (4).
() - قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همه اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال بما زوي (5) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له، إن الدنيا خضرة حلوة ولها أهل، وإن الآخرة لها أهل ظلفت (6) أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا، لا ينافسون في الدنيا ولا يفرحون بغضارتها ولا يحزنون لبؤسها.
يا شيخ! من خاف البيات قل نومه، ما أسرع الليالي والأيام في عمر العبد، فاخزن لسانك وعد كلامك يقل كلامك إلا بخير.