ذلك، ولا يتم مثله في الشجر والجبل، لأنه لو كان لوجب أن يشاهد.
فان قيل: جوزوا أن يكون ها هنا جسم يجذب الشجرة كما أن ها هنا حجرا يجذب الحديد يسمى " المغناطيس ".
قلنا: لو كان الامر على هذا لعثر عليه، ولظفر به مع تطاول الزمان، كما عثر على حجر المغناطيس، حتى علمه كل أحد.
ولو جاز ما قالوه للزم أن يقال: ها هنا حجر يجذب الكواكب ويقلع الجبال من أماكنها، وإذا قرب من ميت عاش، فيؤدي إلى أن لا يثق بشئ أصلا، ويؤدي ذلك إلى الجهالات، وكان ينبغي أن يطعن بذلك أعداء الدين ومخالفو الاسلام لأنهم إلى ذلك أحوج وبه أشغف.
وكذلك القول في خروج الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وآله إن إدعي طبيعة فيه أو حيلة لزم تجويز ذلك في قلع الجبال، وجذب الكواكب، وإحياء الموتى، وكل ذلك فاسد.
وحنين الجذع لا يمكن أن يدعى أنه كان لتجويف فيه، لأنه لو كان كذلك لعثر عليه مع المشاهدة، ولكان لا يسكن مع الالتزام.
وتسبيح الحصى وتكليم الذراع لا يمكن فيه حيلة البتة.
وقيل: في سماع الكلام من الذراع وجهان:
أحدهما: أن الله تعالى بنى الذراع بنية حي صغير، وجعل له آلة النطق والتمييز فيتكلم بما سمع.
والآخر: أن الله تعالى خلق فيه كلاما سمع من جهته وأضافه إلى الذراع مجازا.
وقول من قال: لو انشق القمر لرآه جميع الناس، لا يلزم، لأنه لا يمتنع أن تكون للناس في تلك الحال مشاغيل، فإنه كان بالليل، فلم يتفق لهم مراعاة ذلك فإنه بقي ساعة ثم التأم.