فصل والقرآن معجز، لأنه صلى الله عليه وسلم تحدى العرب [الاتيان] بمثله، وهم النهاية في البلاغة، وقويت (١) دواعيهم إلى الاتيان بما تحداهم به (٢) ولم يكن لهم صارف عنه ولا مانع منه، ولم يأتوا به، فعلمنا أنهم عجزوا عن الاتيان بمثله.
وإنما قلنا: إنه صلى الله عليه وآله تحداهم لان القرآن الكريم نفسه نطق بذلك كقوله تعالى:
﴿فأتوا بسورة من مثله﴾ (٣).
ومعلوم أن العرب في زمانه، وبعده، كانوا يتباهون بالبلاغة (٤) ويفخرون بالفصاحة، وكانت لهم مجامع يعرضون فيها شعرهم (٥) وحضر زمانه (٦) من يعد في الطبقة الأولى كالأعشى ولبيد وطرفة (٧).
وفي زمانه كانت العرب قد مالت إلى (٨) استعمال المستأنس من الكلام دون الغريب الوحشي الثقيل [على اللسان] فصح أنهم كانوا الغاية في الفصاحة.
وإنما قلنا: إن دواعيهم اشتدت إلى الاتيان بمثله، لأنه صلى الله عليه وآله تحداهم، ثم قرعهم (٩) بالعجز عنه، كقوله تعالى ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا﴾ (10).