أتعرف هذا الموضع؟ قلت: نعم (1).
قال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه (1) حتى تبكي كبكائي. قال: فبكى طويلا حتى اخضلت (3) لحيته، وسالت الدموع [على صدره] وبكينا معه وهو يقول: أوه أوه مالي ولآل أبي سفيان، مالي ولآل حرب حزب الشيطان، وأولياء الكفر؟
صبرا أبا عبد الله، فقد لقى أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء، فتوضأ وضوء الصلاة، فصلى ما شاء الله أن يصلي.
ثم (4) ذكر نحو كلامه الأول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته ساعة، ثم انتبه فقال: يا بن عباس، فقلت: ها أنا ذا.
قال: ألا أحدثك بما رأيت في منامي، آنفا عند رقدتي؟
قلت: نامت عيناك ورأيت خيرا (5).
قال: رأيت كأني برجال [بيض] (6) قد نزلوا من السماء، معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيوفهم، وهي بيض تلمع، وقد خطوا حول هذه الأرض خطة.
ثم رأيت كأن هذه النخيل وقد ضربت بأغصانها الأرض، وهي (7) تضطرب بدم عبيط، وكأني بالحسين (8) سخلي (9) وفرخي وبضعتي (10) قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث.