وكأن الرجال البيض الذين نزلوا من السماء ينادونه، ويقولون: صبرا آل الرسول فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس، وهذه الجنة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة.
ثم يعزونني، ويقولون: يا أبا الحسن أبشر، فقد أقر الله به عينك يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ثم انتبهت هكذا، والذي نفسي بيده، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم صلى الله عليه وآله أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا.
وهذه أرض كرب وبلاء يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلا كلهم من ولدي وولد فاطمة، وأنها لفي السماوات معروفة، تذكر أرض (1) كرب وبلاء كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة (2) بيت المقدس.
ثم قال: يا بن عباس اطلب لي حولنا (3) بعر الظباء، فوالله ما كذبت ولا كذبت ولا كذبني قط، وهي مصفرة، لونها لون الزعفران.
قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها. فقال علي: صدق الله [وصدق] ورسوله.
ثم قام يهرول إلينا (4) فحملها وشمها، فقال: هي هي بعينها، أتعلم يا بن عباس ما هذه الأباعر؟ [هذه] قد شمها عيسى من مريم وقال: هذا الطيب لمكان حشيشها - وتكلم بكل ما قدمناه إلى أن قال: - اللهم فابقها أبدا حتى يشمها أبوه فتكون له عزاء.
قال: فبقيت إلى يوم الناس (5) هذا، ثم قال علي: [اللهم] يا رب عيسى بن مريم، لا تبارك في قتلته، والحامل عليه والمعين عليه، والخاذل له.