فإن قيل: فالحدود في حال الغيبة ما حكمها؟ فإن سقطت عن الجاني على ما يوجبها الشرع فهذا نسخ الشريعة، وإن كانت باقية فمن يقيمها؟.
قلنا: الحدود المستحقة باقية في جنوب مستحقيها، فإن ظهر الامام ومستحقوها باقون أقامها عليهم بالبينة أو الاقرار، وإن كان فات ذلك بموته كان الاثم في تفويتها على من أخاف الامام وألجأه إلى الغيبة، وليس هذا نسخا لإقامة الحدود، لان الحد إنما يجب إقامته مع التمكن وزوال المنع، ويسقط مع الحيلولة، وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط إقامتها مع الامكان وزوال الموانع.
ويقال لهم: ما يقولون في الحال التي لا يتمكن أهل الحل والعقد من اختيار الإمام ، ما حكم الحدود؟.
فإن قلتم: سقطت، فهذا نسخ على ما ألزمتمونا (1).
وإن قلتم: هي باقية (في) (2) جنوب مستحقيها فهو جوابنا بعينه.
فإن قيل: قد قال أبو علي (3): إن في الحال التي لا يتمكن أهل الحل والعقد من نصب الإمام يفعل الله ما يقوم مقام إقامة الحدود ويزاح (4) علة المكلف.
وقال أبو هاشم (5): إن إقامة الحدود دنياوية لا تعلق لها بالدين.
قلنا: أما ما قاله أبو علي فلو قلنا مثله: ما ضرنا لان إقامة الحدود ليس هو