يبعث الله إليه نبيا معينا يؤدي إليه مصالحه وعلم أنه لو بعثه لقتله هذا الشخص، ولو منع من قتله قهرا كان فيه مفسدة له أو لغيره، هل يحسن أن يكلف هذا الشخص ولا يبعث إليه ذلك النبي، أو لا يكلف.
فإن قالوا: لا يكلف.
قلنا: وما المانع منه، وله طريق إلى معرفة مصالحه بأن يمكن النبي من الأداء إليه.
وإن قلتم: يكلفه ولا يبعث إليه.
قلنا: وكيف يجوز أن يكلفه ولم يفعل به ما هو لطف له مقدور.
فإن قالوا: أتي في ذلك من قبل نفسه.
قلنا: هو لم يفعل شيئا وإنما علم أنه لا يمكنه، وبالعلم لا يحسن تكليفه مع ارتفاع اللطف، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلف ما لا دليل عليه إذا علم أنه لا ينظر فيه، وذلك باطل، ولابد أن يقال: إنه يبعث إلى (1) ذلك الشخص ويوجب عليه الانقياد له ليكون مزيحا لعلته، فإما أن يمنع منه بما لا ينافي التكليف، أو يجعله بحيث لا يتمكن من قتله، فيكون قد أتي من قبل نفسه في عدم الوصول إليه، وهذه حالنا مع الامام في حال الغيبة سواء.
فإن قال: لابد أن يعلمه أن له مصلحة في بعثة هذا الشخص إليه على لسان غيره ليعلم أنه قد أتي من قبل نفسه.
قلنا: وكذلك أعلمنا الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من آبائه عليهم السلام موضعه، وأوجب علينا طاعته، فإذا لم يظهر لنا علمنا أنا أتينا من قبل نفوسنا فاستوى الأمران.
وأما الذي يدل على الأصل الثاني وهو أن من شأن الامام أن يكون مقطوعا على عصمته، فهو أن العلة التي لأجلها احتجنا إلى الامام ارتفاع العصمة، بدلالة