يقتضي سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عنهم.
وفي أصحابنا من قال: علة استتاره عن الأولياء ما يرجع إلى الأعداء، لان انتفاع جميع الرعية من ولي وعدو بالامام إنما يكون بأن ينفذ أمره ببسط يده فيكون ظاهرا متصرفا بلا دافع ولا منازع، وهذا مما المعلوم أن الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.
قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرا لبعض أوليائه لان النفع المبتغى من تدبير الأمة لا يتم إلا بظهوره للكل ونفوذ الامر، فقد صارت العلة في استتار الامام على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع واحدة.
ويمكن أن يعترض هذا الجواب بأن يقال: إن الأعداء وإن حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين لقاء من شاء من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته ويوجب اتباع أوامره، فإن كان لا نفع في هذا اللقاء لأجل الاختصاص لأنه غير نافذ الامر للكل، فهذا تصريح بأنه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمتها من لدن وفاة أمير المؤمنين إلى أيام الحسن بن علي بن أبي القائم عليهم السلام (1) لهذه العلة.
ويوجب أيضا أن يكون أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الامر إلى تدبيره وحصوله في يده، وهذا بلوغ من قائله إلى حد لا يبلغه متأمل.
على أنه لو سلم أن الانتفاع بالامام لا يكون إلا مع الظهور لجميع الرعية ونفوذ أمره فيهم لبطل قولهم من وجه آخر، وهو أنه يؤدي إلى سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عن شيعته، لأنه إذا لم يظهر لهم لعلة لا يرجع إليهم ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالته، فلابد من سقوط التكليف عنهم، لأنه لو جاز أن يمنع قوم من المكلفين غيرهم لطفهم، ويكون التكليف الذي ذلك اللطف لطف فيه مستمرا عليهم، لجاز أن يمنع بعض المكلفين غيره بقيد وما أشبهه من