فأي نسبة (1) بين خوفه من الأعداء وخوف آبائه عليهم السلام لولا قلة التأمل.
على أن آباءه عليهم السلام متى قتلوا أو ماتوا كان هناك من يقوم مقامهم ويسد مسدهم يصلح للإمامة من أولاده، وصاحب الامر عليه السلام بالعكس من ذلك لان من المعلوم أنه لا يقوم أحد مقامه، ولا يسد مسده، فبان الفرق بين الامرين.
وقد بينا فيما تقدم الفرق بين وجوده غائبا لا يصل إليه أحد أو أكثرهم (2) وبين عدمه حتى إذا كان المعلوم التمكن بالامر يوجده.
وكذلك قولهم: ما الفرق بين وجوده بحيث لا يصل إليه أحد وبين وجوده في السماء.
بأن قلنا: إذا كان موجودا في السماء بحيث لا يخفى عليه أخبار أهل الأرض فالسماء كالأرض، وإن كان يخفى عليه أمرهم، فذلك يجري مجرى عدمه ثم نقلب (3) عليهم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن يقال: أي فرق بين وجوده مستترا وبين عدمه وكونه في السماء، فأي شئ قالوه قلنا مثله على ما مضى القول فيه.
وليس لهم أن يفرقوا بين الامرين بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما استتر من كل أحد وإنما استتر من أعدائه، وإمام الزمان مستتر عن الجميع.
لأنا أولا لا نقطع على أنه مستتر عن جميع أوليائه والتجويز في هذا الباب كاف.
على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما استتر في الغار كان مستترا من أوليائه وأعدائه ولم يكن معه إلا أبو بكر وحده، وقد كان يجوز أن يستتر بحيث لا يكون معه أحد من ولي ولا عدو إذا اقتضت المصلحة ذلك.