بالملائكة، وحال بينهم وبينه، فلما لم يفعل ذلك مع ثبوت حكمته ووجوب إزاحة علة المكلفين، علمنا أنه لم يتعلق به مصلحة بل مفسدة.
وكذلك نقول في الإمام عليه السلام: إن الله تعالى منع من قتله بأمره بالاستتار والغيبة، ولو علم أن المصلحة تتعلق بتقويته بالملائكة لفعل، فلما لم يفعل مع ثبوت حكمته ووجوه (1) إزاحة علة المكلفين في التكليف، علمنا أنه لم يتعلق به مصلحة، بل ربما كان فيه مفسدة.
بل الذي نقول: إن في الجملة يجب على الله تعالى تقوية يد الامام بما يتمكن معه من القيام، ويبسط يده، ويمكن ذلك بالملائكة وبالبشر، فإذا لم يفعله بالملائكة علمنا أنه لأجل أنه تعلق به مفسدة، فوجب أن يكون متعلقا بالبشر فإذا لم يفعلوه أتوا من قبل نفوسهم لا من قبله تعالى، فيبطل بهذا التحرير جميع ما يورد من هذا الجنس، وإذا جاز في النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يستتر مع الحاجة إليه لخوف الضرر وكانت التبعة في ذلك لازمة لمخيفية (2) ومحوجية إلى الغيبة، فكذلك غيبة الإمام عليه السلام سواء.
فأما التفرقة بطول الغيبة وقصرها فغير صحيحة، لأنه لا فرق في ذلك بين القصير المنقطع والطويل الممتد، لأنه إذا لم يكن في الاستتار لائمة على المستتر إذا أحوج إليه، بل اللائمة على من أحوجه إليها، جاز أن يتطاول سبب الاستتار كما جاز أن يقصر زمانه.
فإن قيل: إذا كان الخوف أحوجه إلى الاستتار فقد كان آباؤه عليهم السلام عندكم على تقية وخوف من أعدائهم، فكيف لم يستتروا؟.
قلنا: ما كان على آبائه عليهم السلام خوف من أعدائهم، مع لزوم التقية والعدول عن التظاهر بالإمامة ونفيها عن نفوسهم، وإمام الزمان عليه السلام كل الخوف عليه، لأنه يظهر بالسيف، ويدعو إلى نفسه، ويجاهد من خالفه عليه،