ويحيله، فلا نتكلم (1) معه في الغيبة، بل ننتقل (2) معه إلى الكلام في أصل التوحيد، وأن ذلك مقدور، وإنما نكلم في ذلك من أقر بالاسلام وجوز (كون) (3) ذلك مقدورا لله تعالى فبين (4) لهم نظائره في العادات.
وأمثال ما قلناه كثيرة مما رواه أصحاب السير والتواريخ من ملوك الفرس (5) وغيبتهم عن أصحابهم مدة لا يعرفون خبرهم، ثم عودهم وظهورهم لضرب من التدبير، وإن لم ينطق به القرآن فهو مذكور في التواريخ، وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند (6) قد كانت لهم غيبات وأحوال خارجة عن العادات لا نذكرها لان المخالف ربما جحدها على عادتهم جحد الاخبار وهو مذكور في التواريخ.
فإن قيل: ادعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات مع بقائه على قولكم كامل العقل تام القوة والشباب، لأنه على قولكم [له] (7) في هذا الوقت - الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة - مائة وإحدى وتسعون سنة، لان مولده على قولكم سنة ست وخمسين ومائتين، ولم تجر العادة بأن يبقى أحد من البشر هذه المدة فكيف انتقضت العادة فيه، ولا يجوز انتقاضها إلا على يد الأنبياء.
قلنا: الجواب عن ذلك من وجهين.
أحدهما إنا (8) لا نسلم أن ذلك خارق لجميع العادات بل العادات فيما تقدم قد جرت بمثلها وأكثر من ذلك، وقد ذكرنا بعضها كقصة الخضر عليه السلام،