أن الخلق متى كانوا معصومين لم يحتاجوا إلى إمام وإذا خلوا من كونهم معصومين احتاجوا إليه، علمنا عند ذلك أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة، كما نقوله في علة حاجة الفعل إلى فاعل أنها الحدوث، بدلالة أن ما يصح حدوثه يحتاج إلى فاعل في حدوثه، وما لا يصح حدوثه يستغني عن الفاعل، وحكمنا بذلك أن كل محدث يحتاج إلى محدث، فبمثل ذلك يجب الحكم بحاجة كل من ليس بمعصوم إلى إمام وإلا انتقضت العلة، فلو كان الامام غير معصوم لكانت علة الحاجة فيه قائمة واحتاج إلى إمام آخر، والكلام في إمامه كالكلام فيه، فيؤدي إلى إيجاب أئمة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد.
وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالأسئلة عليها لان الغرض بهذا الكتاب غير ذلك، وفي هذا القدر كفاية.
وأما الأصل الثالث وهو أن الحق لا يخرج عن الأمة فهو متفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علة ذلك.
لان عندنا أن الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه، فإذا الحق لا يخرج عن الأمة لكون المعصوم فيهم.
وعند المخالف لقيام أدلة يذكرونها دلت على أن الاجماع حجة، فلا وجه للتشاغل بذلك.
فإذا ثبتت (1) هذه الأصول ثبت (2) إمامة صاحب الزمان عليه السلام، لان كل من يقطع على ثبوت العصمة للامام (3) قطع على أنه الامام، وليس فيهم من يقطع على عصمة الامام ويخالف في إمامته إلا قوم دل الدليل على بطلان قولهم كالكيسانية والناووسية والواقفة، فإذا أفسدنا أقوال هؤلاء ثبت (4) إمامته عليه السلام.