وكان المرتضى رحمه الله يقول أخيرا: لا يمتنع أن يكون ها هنا أمور كثيرة غير واصلة إلينا هي مودعة عند الإمام عليه السلام، وإن كان قد كتمها الناقلون ولم ينقلوها ولم يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق، لأنه إذا كان سبب الغيبة خوفه على نفسه (من الذين أخافوه، فمن أحوجه إلى الاستتار اتي من قبل نفسه) (1) في فوت ما يفوته من الشرع، كما أنه أتي من قبل نفسه فيما يفوته من تأديب الامام وتصرفه من حيث أحوجه إلى الاستتار، ولو زال (2) خوفه لظهر، فيحصل له اللطف بتصرفه، وتبين له ما عنده مما انكتم عنه، فإذا لم يفعل وبقي مستترا (3) أتي من قبل نفسه في الامرين وهذا قوي تقتضيه الأصول.
وفي أصحابنا من قال: إن علة الاستتار (4) عن أوليائه خوفه من أن يشيعوا خبره، ويتحدثوا باجتماعهم معه سرورا (به) (5) فيؤدي ذلك إلى الخوف من الأعداء وإن كان غير مقصود.
وهذا الجواب يضعف لان عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم، فكيف يخبرون بذلك [العامة] (6) مع علمهم بما (عليه و) (7) عليهم فيه من المضرة العامة، وإن جاز (هذا) (8) على الواحد والاثنين لا يجوز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.
على أن هذا يلزم عليه أن يكون شيعته قد عدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكنون من تلافيه (9) وإزالته، لأنه إذا علق الاستتار بما يعلم من حالهم أنهم يفعلونه فليس في مقدورهم الآن ما يقتضي من ظهور الإمام عليه السلام، وهذا